مقدمـــــــــــة
بعد أحداث 11 سبمتبر 2001 وما
صحبها من دعوات الغرب لمحاربة الإرهاب وإلصاق هذا المفهوم بالديانة الاسلامية، حيث
عانى المسلمين الأمريكيين من الحملة المسعورة ضدهم. ولم يقتصر على هذا الأمر وفققط
بل تعاده الى خارج الحدود ( الحرب في أفغنستان والعراق ) .
زد الى ذلك أحداث شارلي ابيدو الأخيرة والحملات الإعلامية ضد الإسلام
والمسلمين، حيث أصبح ينظر للإسلام كمرادف للإرهاب .
وعليه ارتأينا أن نقدم بعض المفاهيم المرتبطة والتي لها علاقة بالإسلام كي
نحاول رفع اللبس.
1- الإسلام السياسي والصحوة الإسلامية:
ينظر للصحوة الإسلامية على أنها عودة جماهيرية للدين في ظل ظروف من
القنوط واليأس من كل البدائل الأخرى. و الكثير من الباحثين يؤكدون أن الصحوة
الإسلامية لا تعني الإسلام السياسي بشكل مطلق. بل أن الصحوة الدينية ظاهرة عامة
أصابت المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والوثنين... فهي
لا تقتصر على المسلمين وحدهم.
ويرى فهمي هويدي أن الحركات الإسلامية السياسية التي تقودها النخبة
ليست هي الصحوة الإسلامية التي وصلت إلى كافة شرائح المجتمع الإسلامي،
بل وأدت إلى دخول العديد من غير المسلمين دين الإسلام ، ومع ذلك فإن الظاهرتين
تلازمتا وكانت الصحوة، هي الأعم، الذي نشأت من خلاله الظاهرة السياسية .
وترتبط الصحوة بالإرادة الذاتية الإنسانية، فهي تعني معالجة الخلل العقائدي عند
الإنسان المسلم فيرأب الصدع ويعدل السلوك بما يتواءم والمعايير
العقائدية ، وليس شرطا أن يلج جوانب السياسة، وان كانت الصحوة تبدأ بالفرد وعلاج
أحواله فإنها تمتد للأسرة والمجتمع الذي يبدأ بالبحث عن ذاته وينفض عن حضارته غبار
الاستلاب الحضاري والعقائدي ثم يخرج من هذا الخضم الإسلامي السياسي
بتعدديته واختلاف إستراتيجيته ورؤاه..
والصحوة الإسلامية الحديثة تعود إلى أيام جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده
ورشيد رضا الذين لم يخوضوا في السياسة والأحزاب حتى جاءت حركة الإخوان المسلمين
عام 1928 ونظمت الأطروحات الإسلامية في حركة سياسية.
وبالمجمل فان ظاهرة الصحوة الإسلامية أقدم من الإسلام السياسي وهى عامة امتدت
في شرائح المجتمع العربي والإسلامي لينبثق عنها فيما بعد الإسلام السياسي وما لحق
به من اتهامات بمعاداة السلم العالمي والتقدم الحضاري.
2- الإسلام السياسي و الأصولية الإسلامية:
الأصولية في الإسلام تعنى التمسك بأصول الدين والأصوليين هم العلماء
المختصون بعلم أصول الفقه أو أصول الدين. فالأصولية في الإسلام مصطلح محبب وإيجابي
بكل معنى الكلمة ولكنه استخدم في سياق خاطئ من قبل الغرب، فأصبح من أكثر المصطلحات
والتعميمات الخاطئة شيوعا في أدبيات الغرب ونقاشاتهم حول ظاهرة الإسلام
السياسي.
ومن وجهة نظر أبو عرقوب فإن هذا الاستخدام السلبي للمصطلح محاولة
مقصودة لربط الأصولية الإسلامية بالأصولية البروتستانتية باعتبارهما وجهان لعملة
واحدة يجمعهما معاداة العقل والعلم والتقدم العلمي والعلمانية والحرية.
ويقول تقرير للجنة الأبحاث التابعة لمجلس النواب في الكونغرس الأمريكي حول
الإرهاب والحرب غير التقليدية، صدر في 3 أيلول 1992 ردا على اتهام الأصولية
الإسلامية بالخطورة تجاه الغرب بأن« الأصولية الإسلامية بمعناها الحقيقي هي
الالتزام السلمي وغير المؤذي بحرفية القرآن. إن الأصولية غير موجودة في الحركات
الإسلامية المعاصرة التي تحمل أجندات تسعى من خلالها نحو الديمقراطية وتحرير
الجماهير من الحكومات الفاسدة التسلطية”.
ولتوضيح وجهة النظر هذه يقتبس التقرير المذكور من مقال آخر في مجلة الشؤون
الخارجية بقلم روبين رايت، الخبيرة المختصة في شؤون الشرق الأوسط. تقول:
“إن الحركات الإسلامية المتنوعة غالباً ما تسمى في الغرب أصولية، لكن معظم
أتباعها في الحقيقة ما هم إلا أصوليون من ناحية الأجندات التي يتبنونها، فالأصولية
عموماً تحث على الالتزام السلمي بالنصوص ولا تسعى لتغيير النظام الاجتماعي، وهي
بدلاً من ذلك تركز على إصلاح حياة الفرد والعائلة...”.
فالأصولية إذن هي التمسك بالأصول، والدين الإسلامي في رأي الأكاديميين لا
يقبل أن يكون المسلم على الصورة المرسومة في ذهن الغرب، وليس المصطلح رديفاً
للتطرف والإيذاء المتعمّد والاعتداء على أرواح وأموال الأبرياء.
3-
الإسلام السياسي و التطرف الإسلامي:
التطرف سياسياً يعني الدعوة الفردية والجماعية إلى إجراء تغيير جذري في
النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في البلد. ويرى أبو عرقوب أن
المتطرفين في نظر الغرب هم جميع المسلمين بغض النظر عن بلدانهم أو الجماعات التي
ينتمون إليها أو لغاتهم أو قضاياهم أو مشاكلهم، مستشهداً بقول لبورتشارد باوتشر
الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية عام 1993:
“إن لدى الولايات المتحدة اعتقاد بأن المتطرفين هم جماعات مثل حماس وحزب
الله أو أية جماعات أخرى تحاول أن ترفض عملية السلام وتحاول إعاقتها عن طريق
العنف”.
ومما يميز التطرف من وجهة نظر الغربيين هو الجمع ما بين الدين والقضايا
الوطنية والسياسية مثل فلسطين أو لبنان، وهو بالتالي يهدد المصالح الأمريكية وموجه
بالأساس ضد الغرب وأمريكا وإسرائيل.
4-
الإسلام السياسي و الإرهاب الإسلامي:
إذا كان التطرف يتعلق بالفكر والنظرة حول التغيير، فإن الإرهاب هو استخدام تكتيكات
إرهابية لتنفيذ البرامج المتطرفة، على حد تعبير (تيم ويرث) مستشار وزارة الخارجية
الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
فالإرهاب هو استخدام العنف بطريقة غير قانونية أو التهديد بالعنف ضد
الأشخاص أو الممتلكات من أجل دعم أو تحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو لإكراه
الحكومات والأفراد والجماعات لتعديل سلوكهم أو سياساتهم.
وللموضوعية فإن الموقف الأمريكي المعلن والعديد من الأكاديميين الغربيين
يؤكدون أنه لا صلة بين الإرهاب بهذا المعنى والإسلام كديانة عالمية تنبذ العنف
والإرهاب والتهديد، الدليل على ذلك:
يقول فيليب ولكوكس المنسق الأمريكي لمكافحة الإرهاب:
"إن مرتكبي هذه الجرائم الوحشية هم أو يعتقد بأنهم متطرفون يسيئون
للدين الإسلامي الذي يزعمون أنهم يعملون باسمه، لقد كرسوا جهدهم لتدمير عملية
السلام العربية الإسرائيلية ودولة إسرائيل، علاوة على أن هذه الجماعات غارقة في
كراهيتها للغرب وثقافته... إن الإرهاب ناتج عن الصراعات في الشرق الأوسط وهو ظاهرة
عالمية".
ويقول الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون بأن" قليلاً من
الأمريكيين يدركون عراقة العالم الإسلامي، إنهم يذكرون فقط بأن سيوف محمد عليه
السلام وأتباعه هي السبب في انتشار الدين الإسلامي في آسيا وإفريقيا وحتى أوروبا،
لقد تناسى هؤلاء بأن الإسلام لا يقر الإرهاب وإنه لم تمض إلا ثلاثة قرون منذ آخر
حرب دينية في أوروبا "
وأهم الأسباب التي جعلت بعض الحركات تنتهج العنف ضد
الغرب هو:
·
الإدعاء بأن الثقافة الإسلامية تختلف كليا عن الثقافات
الأخرى، وأن المسلمين متشددين ويتقيدون بحرفية النصوص الدينية.
·
تصوير الإسلام بأنه خطر يهدد العالم على غرار النازية
والشيوعية، وأن الأصولية الإسلامية أكبر خطر يهدد السلام العالمي.
·
النظر للإسلام وإلى الثقافات الإسلامية عموما على أنها
عقيدة جامدة لاتجديد ولا تنوع فيها ولا تقبل التعدد واختلاف الآراء.
قائمة المراجع
1- محمد بني سلامة، الإسلام السياسي والغرب، ت‘ ن :
5-12-2008 ، ( ت‘ ت 31-5- 2011)، على الرابط الإلكتروني :

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق