Wikipedia

نتائج البحث

السبت، 31 يناير 2015

تقييم السياسات العامة كآلية في تفعيل الحكم الراشد وتحقيق التنمية المستدامة

مقدمة :
إن التطورات الحاصلة في العلوم السياسية تعتبر في اصلها محاولات من العلماء ايجاد الطرق و الوسائل الكفيلة بتطوير و تحديث الدول .
ويعتبر الحكم الراشد احد هذه الوسائل التي استحدثت في السنوات الاخير من القرن الماضي بهدف تحقيق ما يعرف بالتنمية المستدامة ، التي تراعي الاجيال القادمة و البيئة .و لقد توصل العلماء لهذه الوسيلة بعد علية تقييم لطرق تسيير الدول لشؤونها و نماذج التنمية المتبعة من طرفها و كانت توصيات التقيم و اقتراحاته هي الحكم الراشد من هذه النقطة نصل إلى إشكالنا و الذي يتمحور حول :
كيف يصبح تقييم السياسات العامة آلية في تفعيل الحكم الراشد لتحقيق التنمية المستدامة؟

المحور الأول : مفهوم الحكم الراشد:
في هذا المحور سنتناول اهم القضايا التي يرها هذا المفهوم كمحاولة لإعطاء صورة واضح للحكم الراشد من خلال :
1-   تعريف الحكم الراشد :
و سنحدده من خلال جملة من التعريفات :
1-1/  تعريف البنك الدولي : أسلوب ممارسة القوة في إدارة الموارد الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد من اجل التنمية . من خلال هذا التعريف نجد أن مصطلح القوة يضفي غموض على المفهوم ، بحيث لا نجد مرادف واحد للقوة  حتى نستطيع تحديد المقصود من القوة و من العلماء يحدد مرادف للقوة بالسلطة . 
1-2/  تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي PNUD  : ممارسة السلطة الاقتصادية و السياسية و الإدارية  لإدارة شؤون الدولة على كافة المستويات من خلال آليات و عمليات تتيح للأفراد و الجماعات تحقيق مصالحهم كما انه من خلال التعريف يمكن تحديد دعامات الحكم الراشد بــ : 
·       الدعامة السياسية : تتضمن عمليات صنع القرارات المتعلقة بصياغة و تكوين السياسات .
·       الدعامة الاقتصادية : تتضمن عمليات صنع القرارات التي تؤثر على أنشطة الدولة الاقتصادية و علاقتها بالأنشطة الأخرى
·       الدعامة الإدارية : تتضمن النظام الخاص بتنفيذ هاته السياسات
3 تعريف لجنة الحكم الراشد : الحكم الراشد هو مجموع مختلف الطرق أو الأساليب التي يقوم بها الأفراد و المؤسسات العمومية و الخواص بتسيير أعمالهم المشتركة بطريقة مستمرة يطبعها التعاون و المصالحة و التوفيق بين المصالح المختلفة و تلك المتنازع حولها .

مكونات الحكم الراشد :
و يتكون من العناصر التالية :
1 الحكومة : هي جهاز منتخب تقوم بوظائف الدولة و هي إيجاد إطار قانوني وتشريعي مستقيم و ثابت فعال و عادل للأنشطة العامة و الخاصة كما تشير أيضا للسلطة التنفيذية التي تقوم بتنفيذ القوانين و اللوائح،و إدارة المرافق العامة في الدولة2. تقوم بالمهمات أو الوظائف التالية :
- تعزيز الاستقرار و المساواة في السوق
-         الاهتمام بتقديم السلع
-         تزويد الخدمات العامة بفعالية و مسؤولية
-         و ينجر على الوظائف العديد من التحديات و ذلك أن الحكم الراشد يهتم باهتمامات الأفراد الأكثر فقرا و هذا عن طريق صنع سياسات تعمل على تزويد فرص إظهار و تحقيق و إدامة نوع الحياة الذي يريدون تحقيقه و هذا لا يكون إلا بتوفير جهاز تشريعي و عمليات انتخابية و أنظمة قضائية و قانونية تعمل بشكل جيد الأمر الذي يسمح بزيادة المشاركة الشعبية من خلال البرلمان و إحلال قاعدة مساءلة الحكومة الأمر الذي يؤدي إلى الثقة و بالتالي زيادة مشروعية السياسة
2- القطاع الخاص :
يشمل القطاع الخاص المشاريع الخاصة للتصنيع و التجارة و المصارف و كذلك القطاع الخاص، يشير إلى مجموعة من المنظمات أو المؤسسات أو الشركات التي تضم تجمعات لرجال الأعمال ،والتي تسعى إلى حماية مصالح أعضائها باستخدام مجموعة من الأساليب المتنوعة ،وتتباين منظمات القطاع الخاص وفقا لطبيعة النظام السياسي السائد1.
فالدولة لها قدرة و القوة الكبيرة في صنع السياسات و تنفيذها بغرض تحقيق التنمية لكنها ليست الوحيدة في هذا المجال باعتبار ان هذه السياسات تهدف لخلق الفرص لجميع الأفراد عل حد السواء ومن هذا المنطلق لقد لاحظت العديد من الدول أن القطاع الخاص يمثل المصدر الأول لتوفير فرص العمل و التخفيف من البطالة لذلك نجد كثيرا من الدول التي نهجت اقتصاد السوق من خلال القيام بعملية الخوصصة للمؤسسات العامة و فتح المجال لمنظمات القطاع الخاص .
 3-      المجتمع المدني :
يشير المجتمع المدني إلى مجموعة التنظيمات الطوعية والاختيارية القائمة في معظم المجتمعات المعاصرة،مثل النقابات المهنية والعمالية واتحادات رجال الأعمال واتحادات المزارعين والجمعيات الأهلية وغيرها من التنظيمات1 ،و لقد أصبح مفهوم المجتمع المدني خاصية من خاصيات الدولة الحديثة بحيث لم نعد نتحدث عن علاقة مباشرة بين المواطن و الدولة بل علاقات غير مباشرة تتوسطها مؤسسات و تنظيمات المجتمع المدني من أحزاب و هيئات ، جمعيات ،نقابات ...الخ لتحديد مفهوم المجتمع المدني يجب أن نركز على :
أ – فكرة التطوعية
ب – فكرة المؤسسية
ج – فكرة الاستقلالية
د -  ارتباط بمنظومة من المفاهيم ( حقوق الانسان ، المواطنة ، المشاركة السياسية ، الشرعية )
المحور الثاني : مفهوم التنمية المستدامة:
و سنتطرق في هذا المحور الى العناصر التالية :
تعريف التنمية المستدامة :
لقد تعدت تعاريف الية المستدامة بتعدد الآراء  و الاتجاهات  بحسب الدارسين و الباحثين في مختلف الميادين ، و اعتبرته لمنظمات الدولية حق كالحقوق التي تسعى لتحقيقها 1 وسنورد فيه مجموعة من التعاريف :
تم تعريف التنمية المستدامة لأول مرة في تقرير اللجنة الدولية للبيئة و التنمية (WCED)  الصادر سنة 1987 و علافها على انها : تلك التنمية التي تضمن الاستجابة ل‘حتياجات الجيل الحاضر مع عدم التعدي على حقوق الأجيال القادمة في المعيشة لمستوى يعادل الجيل الحالي أو يوافقه إن أمكن .
و يعرفها الدكتور مصطفى قاسم : تلبي احتياجات الحاضر دون الإخلال بقدرات الآجيال القادمة على تلبية إحتياجاتها2 .
هي تطوير الأرض و المدن و المجتمعات و كذلك الاعمال التجارية شرط ان تلبي احتيجات الحاضر ، دون المساس بقرارات الأجيال القادمة و هذا من وجهة نظر علماء الاقتصاد.
 -   مكونات التنمية المستدامة :
و تتكون من النقاط التالية :
-         تنمية احتياجات الجيل الحاضر مع مراعاة متطلبات الأجيال القادمة
-         حماية البيئة و عدم تلوثها
-         عدم استنزاف الموارد الطبيعية و استغلالها بطريقة لعقلانية
-          تحقيق التوافق و التوازن بين البيئة و السكان و الطبيعة .
2-   خصائص التنمية المستدامة :
و نلخصها في العناصر التالية :
-         تعني احداث التغييرات في جميع المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية
-         تنمية دائمة حاضرا و مستقبلا
-         تنمية شاملة و مسؤولية مشتركة
-         لها أبعاد بيئية و إجتماعية و إقتصادية متشابكة و متداخلة .
-         لها أهداف تسعى لتحقيقها من خلال آليات فعالة و مبادئ تقوم عليها استخدام الطرق العقلانية في استغلال الموارد.
3-   أهداف التنمية المستدامة :
تهدف التنمية المستدامة الى :
-         تحقيق حياة أفضل للسكان من خلال عمليات التخطيط و التنفيذ السياسات التنموية
-         احترام البيئة الطبيعية
-         تهدف الى توعية السكان بالمشكلات و المخاطر البيئية
-         تسعى لتحقيق استغلال عقلاني للموارد
-         ربط التكنولوجيا الحديثة و المعاصرة بأههداف المجتمع و ذلك بتوظيف هذه الوسائل بما يخدم المجتمع .
-         إحداث تغيير مستمر في حاجات و أولويات المجتمع .
4-   مبادئ التنمية المستدامة :
تتمثل مبادئ التنمية المستدامة في:
-         إستخدام أسلوب النظم في إعداد و تنفيذ خطط التنمية المستدامة (البيئة الانسانية كجزء فرعي من النظام الكوني)
-         المشاركة الشعبية
-         المسؤولية المشتركة
-         الإحتراز البيئي
-         التوظيف الأمثل لموارد الإقتصادية
-         استمرار عمر الموارد الإقتصادية و التخطيط الاستراتيجي لهذه الموارد.
-         التوازن البيئي و التنوع الايديولوجي .
        - التوفيق بين حاجيات الأجيال القادمة و الأجيال الحالية.
المحور الثالث : تقييم السياسات العامة كآلية لتفعيل الحكم الراشد لتحقيق التنمية المستدامة:
قبل توضيح العلاقة بين تقييم السياسات العامة والحكم الراشد و التنمية المستدامة يجب علينا تبيان ان الحكم الراشد وسيلة لتجسيد برامج  سياسات التنمية المستدامة ، بإعتباره فلسفة تسييرية تشاركية بين ثلاث عناصر الحكومة ، القطاع الخاص ،المجتمع المدني  و التي تعمل وفق معايير المشاركة ، حكم القانون ، الشفافية ،حسن الاستجابة،المساواة ، الفعالية و الكفاءة ،المساءلة و المحاسبة1.
إن دور تقييم السياسات العامة في تفعيل الحكم الراشد يطهر من خلال دعم معايير تقييم السياسات (الملائمة ، الفعالية،الكفاءة ،الفاعلية ،الانسجام) و إرسائها لمعايير الحكم الراشد ، الأمر الذي يسهل تطبيقه و تفعيله و نوضح ذلك من خلال :
·         المشاركة : تتضمن حق كل مواطن في التصويت و التعبير الحر في المجالس التمثيلية و النيابيةو إبداء الرأي حول البرامج و السياسات و لضمان هذا يجب تقييم السياسة التشريعية و ذلك من خلال إدخال التعديلات اللازمة على القوانين لتصبح قادرة على توفير الحماية اللازمة للحقوق المذكورة هذا من جهة ، و من جهة أخرى إنشاء مؤسسات تنظم هذه العملية مثل الحزاب و الجمعيات و هذا يدخل ضمن معيار الفعالية للتقييم .
·         حكم القانون : و هذا ينطلق من تقييم المنظومة القانونية و مدى تلاءمها و تكيفها مع الواقع و التطورات و تحقيقها للعدالة و هذا وفق معيار الملاءمة و الفعالية و الإنسجام .
·         الشفافية : تقوم على التدفق الحر للمعلومات و البيانات و عملية تقييم السياسات تقوم على البيانات و المعلومات حول السياسات ابتداءا من تحديد المشكلة الى إختيار السياسة ثم التنفيذ ثم تحدد النقائص و الاختلالات و تبيانها للجمهور و الجهات المعنية بتلك السياسة .
·         حسن الاستجابة: و نقصد بها توفير الخدمة من طرف المؤسسات للجميع دون إستثناء و بالسرعة و الجودة ، و تقييم السياسات بالنسبة لهذه النقطة ينطلق من تقويم أداء هذه المؤسسات من ناحية سياساتها الخدمية و تبيان مكامن الخلل و السلامة في هذه المؤسسات و ذلك للتقيد بها و تسهيل اخضاع هذه المؤسسات للمحاسبة .
·         المساواة : و هي تمكين جميع الأفراد بغض النظر عن الجنس أو العرق أو اي فرق آخر على قدم المساواة في الحصول على الفرص و هذا ما  تأخذ به عملية تقييم السياسات عند اعتمادها لمدى شمولية عوائد السياسات على المواطنين جميعا دون إستثناء و هذا عند تطبيق معيار الفاعلية في التقييم .
·         الفعالية و الكفاءة : وهذا من خلال سعي المؤسسات المجمعية بمقتضى الكفاءة و الفعالية على إنتاج مخرجات تشبع حاجيات اللإراد و المجموعات في ظل الإستخدام العقلاني و الرشيد لموارد المجتمع ، و تقييم السياسات يساع على تبيان مدى كفاءة و فعالية هاته المؤسسات في تلبية حاجيات الأفراد و ذلك من خلال معيار الفعالية و الفاعلية و الكفاية .
·         المساءلة و المحاسبة : غن عملية التقييم تسلط الضوء على جميع الأطراف الفاعلين في السياسة ،إنطلاقا من إختيارها حتى تنفيذها و بهذا و تبيان الفواعل المتسببة في التقصير و إخضاعها للمساءلة و المحاسبة .
-          و بالنسبة للتنمية المستدامة :
ان عملية تقييم السياسات وفق الحكم الراشد أصبحت تأخذ بمؤشر التنمية البشرية التي هي أداة مركبة لقياس مستوى المحقق من طرف كل بلد من خلا ثلاث نواحي أساسية : معدل الحياة منذ الولادة ،مستوى التعليم ،و حجم الموارد المتوفرة (الناتج الداخلي لكل ساكن و تكافؤ القدرة الشرائية).
 بالإضافة لمعيار البيئة في تقييم السياسات من خلال مدى احترامها و عدم انتهاكها للبيئة و المحيط.    
الخاتمة :
و في الأخير نقول ان تقييم السياسات العامة كلما كان خاضع للأسس العلمية و المعايير الدقيقة ، و نابع عن إرادة حقيقية في التعديل أو التحسين ، كان مفيدا و مفعلا لسياسة الحكم الراشد و بالتالي تحقيق التنمية المستدامة و العلاقة بين هذه العناصر تعمل وفق مثلث الحكم الراشد الذي رؤوسه تعبر عن الحكومة و القطاع الخاص و المجتمع المدني ، و كلما كانت مساحة الرؤوس متساوية كلما كان اقرب للممارسة التشاركية القائمة في أساسها على التقييم .

المراجع
1-   هويدا عدلي،فعالية مؤسسات المجتمع المدني وتأثيره على بلورة سياسة انفاق الخدمات الإجتماعية ،ندوة 12/14 بتاريخ 03/10/2005 الاسكندرية
2-    سلوي  شعراوي جمعة،مفهوم ادارة شؤون الدولة والمجتمع. القاهرة:مركز دراسات واستشارات الادارة العامة،2001
3-   عبد الله خبابة ، رابح بوقرة : الوقائع الإقتصادية ، العولمة الإقتصادية ،التنمية المستدامة : جامعة الاسكندرية ،2008
خالد مصطفى قاسم ،ادارة البيئة و التنمية المستدامة في ظل العوامة المعاصرة ، جامعة الدول العربية ، القاهرة ، 2007
4-   تقرير اللجنة العالمية للبيئة و التنمية : مستقبلنا المشترك ، الأم المتحدة ، نيويورك ، 1987 ص11
5 - World bank, A decade of measuring the quality of governance/ Governance matters 2007. Worldwide governance indicators and undelying. Washington, 2007, p16.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق